عبد الحميد أحمد محمد
طلاب الشعبي الذين وصفهم محمد وقيع الله بجماعة (لم ينجح أحد) وزعم أنهم قد إنقرضوا فلم يعد لهم وجود بالجامعات، قد يتولون الرد عليه بأنفسهم، أما نحن فلنا معه حديث آخر فلن نترك بعد اليوم البغاث والأنصاف والذين في قلوبهم مرض يتطاولون على الشيخ الترابي صاحب أكتوبر وجبهة الميثاق والجبهة القومية حتى يوم الفتح الأكبر من جعل الحركة الإسلامية في السودان أعظم وأوسع حركة في العالم -حتى انتسب إليها أمثال (وقيع الله)- رجل بكل هذه الرمزية يمسنا بالتمام من يمسه ويؤذينا من يؤذيه ومنذ اليوم سنقعد لوقيع الله وأمثاله كل مرصد ونرسل عليهم شواظ من نار ونحاس نكوي جباههم والجلود فقد طال صمتنا حتى خشينا أن يكون هو نقص القادرين على التمام.
ولو سلك محمد وقيع الله مسلك التهذيب والأدب والخلق القويم لخاطبناه بمثل ذلك، أما وأنه لم يلتفت لشئ من كل ذلك فليس له عندنا إلا كلمة الإمام الشافعي نخاطب بها الشيخ الترابي في شأنه:
أعرض عن الجاهل السفيه / فكل ما قال فهو فيه
ما ضرّ نهر الفرات شيئاً / إن خاض بعض الكلاب فيه.
ولعمري فإن الشيخ الترابي يم محيط وبحر لجيٌ يغشاه موج من فوقه موج وإن خالف عادة البحار في ملحها الأجاج فهو مورد عذب ومنهل خالص سآئغاً للشاربين لن يضار بما يسوًّق هذا الشانئُ إلا كما ضر خِضرِماً من الماء خُطّاف حسى منه ماضيا.
وإذ أنه منذ القديم كانت أساليب المدح والذم والهجاء طريقاً سهلاً للتكسب والترزق، يقصد الشاعر أميراً أو شريفاً فيمدحه وينال عطاياه، أو يغضب منه فيعرّض به ويهجوه ويتقرب بذلك لأعدائه ومنافسيه يرجو حظوةً ومنحة!
على هذا المنوال يكتب وقيع الله في (الصحافة) أو بالأحرى يعوي ويملأ الدنيا ضجيجاً وصياحاً وهو يرفع قميص عثمان ويتباكي على الحركة الإسلامية ودولة (الإنقاذ!) التي يوشك الشيخ الترابي أن يهدمها (!)
والرجل يبلغ درجة من الإسفاف والتزلف تذكرنا بمقولة الإنجليز:
"Dog barking to show his master that he is doing his work"
(الكلب ينبح ليُرِيَ سيده أنه يعمل)
وننظر للشعبي الذي يكتظ بالكُتاب والمثقفين والعارفين ثم لمَّا نجِدُ أنّ أيامهم إلى الحِلم أقرب وهم يصبرون على بذاءات محمد وقيع الله نقرر أن نلبي نداء التغلبي "فنجهل فوق جهل الجاهلينا"
+ و(الرجل) يجعل من الترابي شيخاً سابقاً وداعية سابقاً ويتلذذ بتكرار ذلك..ولأنه يدعى انتماءً قديماً للحركة الإسلامية وسابقة نذهب (ننقب في خلفيته).
+ وقد علمنا بالحركة نساءً صادقات فما وجدنا اسم (وقيع الله) بينهن كما أن بها رجال مشاهير وليس فيهم وقيع الله..فكأنه من أشار إليه أبو الطيب :
من كل رخو وكاء البطن منفتق / لا في الرجال ولا النسوان معدود.
ومعلومة صغيرة عن (وقيع الله) تحملنا لمجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والزبرقان بن بدر هناك يضج بالشكوى من هجاء الحطيئة له, وعمر -رأفة بالحطيئة- يقول أنه لا يجد هجاء، ثم الزبرقان يلح في طلب شهادة حسان بن ثابت و...
+ وحسان ينظر في بيت واحد ثم يقول والله يا أمير المؤمنين كأنما قد (سلح) على رأسه(!)
والحطيئة كان يقول: دع المكارم لا ترحل لبغيتها / وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي.
وما يغضب الزبرقان في كلمة الحطيئة يجرجره المدعو محمد وقيع الله سربالاً يمشي به بين الناس.
+ فإن كان الترابي شيخاً سابقاً وداعية سابقاً (فما) وقيع الله وأين موقعه في الحركة؟ وحتى لا ينقلها الرجل عن طريق ( القص واللصق) على أنها خطأ وقعنا فيه فإننا قصدنا أن نقول (ما) التي تأتي مع غير العاقل لأن (وقيع الله) هذا عندنا لا يملك معشار عقل ولا معشار أدب.
+ ويوم كان الترابي وإخوانه الصادقين يرفعون القواعد من بيت الحركة الإسلامية ويشيدون، ولما كان الترابي سائحاً بالأمصار والأصقاع راجلاً حيناً وعلى كل ضامر أحياناً أخر يبشر بفكرة الحركة وأفكارها، كان (وقيع الله) الذي يلبس اليوم لباس المنافح عن الحركة كان في ذلك الوقت يقعد بأمريكا (طاعماً كاسياً) قد بسط نمرقة وكسر أخرى غير مرتحلٍ في طلب المكارم فهناك من يشيدون له صروحها والدرج حتى إذا وصل البناء تمامه قام يغالب التخمة والدعة و(تسلق) القمة على حين غفلة من أهلها الذين (وسعوا الماعون) وفتحوا باب الدار واسعاً فدخل وقيع الله في من دخل ثم صاح يَقولُ (دامَ مَنزِلي المَليحُ!) فمجهودات الأذكياء والشجعان دائماً ما يسرقها الجبناء والأغبياء.
نعم لقد كان وقيع الله هذا من الخالفين الذين شغلتهم أموالهم وأهلوهم يوم كان الرجال يدافعون هنا عن الحركة ودولتها الوليدة بالنفس والدم والمال فما حدّث نفسه بجهاد ولو بقلمه -الذي يجعله اليوم أداة ينافق بها ويطلب بها صيداً حين اعتكرت مياه الحركة- إذ لم نرى له مقالاً أو نسمع له حديثاً طيلة عهد الثورة الأول حين كانت الدولة والحركة فقيرة فأغناها الله وكانت خائفة فأمّنها الله ،يومئذ كان (الدكطور) محمد وقيع الله (خالفاً) بأمريكا متخلفاً حتى عن الوفاء بإستحقاقات المنحة التي قدمتها له الدولة دون كُثر كانوا أحق بها وأجدر فقد ظل منقطعاً بأمريكا لما يقرب من العشرين عاماً في بياته الشتوي والصيفي وهو خارج ذاكرة الحركة وفعلها.
إننا غير مشغولين اليوم بالسؤال عن قصة مهووس في مجاهل أمريكا بقدر عدم انشغالنا بما تحفظ دوائر البوليس من سوابق على الأجانب في تلك الأصقاع من جنح حبس الزوجة أو ضرب الأطفال.! بل إننا يا (فضيلة الدكطور!) لا نجد وقتاً نسأل فيه إدارة التعليم العالي وجامعة أم درمان الإسلامية عن ذلك المبعوث الذي أرسلته الجامعة لنيل درجة الماجستير ثم الدكتوراه ودفعت له من أموال الشعب السوداني المكدود فذهب ولم يعد حتى (الأن)!
لكن السؤال الواضح بذاته لك أنت يا (سعادة الدكتور!) لماذا لم تعد إلى الجامعة التي ابتعثتك لتؤدي دين الشعب السوداني الذي موّل سنوات دراستك وإقامتك حتى نلت الشهادة (الرفيعة) التي تعلن اليوم ضجرك منها وأنك لا تحفل بها لدرجة أنك على أستعداد للتنازل عنها للأستاذ فتحي الضو – أحد من أنكروا منكرات وقيع الله-، بسخاء، لا تشكر عليه ولكن تسأل عن الوفاء بدينه سنوات في تدريس الطلاب بالجامعة، الواجب الذي كان ينبغي أن تتفرغ له بدلاً عن الفراغ لشتم العباد زاعماً أنه السباب في سبيل الله والحركة الإسلامية و(الإنقاذ!)
الإنقاذ التي زعم وقيع الله أنها النظام الوحيد الذي طارده وهدده بالقتل على حين أنه كان أشد المعارضين لنظامي النميري والصادق المهدي ومع ذلك لم يلحقه منهما أذىً بل منحاه فرص التحضير بأمريكا ولكنه ومع ذلك يؤيد نظام الإنقاذ (لوجه الله!) وينافح عنه خالصاً محضاً..!
فهل ترى ذلك ما قاله د. الأفندي – أحد من أنكروا منكرات وقيع الله - من "إن الذي يؤيد هذا النظام دون أدنى مصلحة كالعاهرة التي تدعي أنها تقوم بهذا العمل حباً في مهنتها وليس طلباً للمال!"؟
على أني أميل لإشارة الأستاذ فتحي الضو وأجزم أنها تفسر الغرض الذي تلبّس (الرجل العُصابي) وأوقد شرارته، فشدّ ما آلمه هو إشارة الضو إلى ندائه الخفي (الغنج) إلى الوزارة الوحيدة التي ربما يرى أنه يصلح لها – وزارة التربية والتعليم- وهو في ذلك لا يكاد يغادر القطيع الذي يشبهه فبين يدي المفاصلة قامت جماعة في الحركة بالغت في الحديث عن التجرد والزهد وهي تلبس قبعة (لجنة رأب الصدع) -شأن وقيع الله هذا الذي يعلن زهده وفراره من المناصب ويخفي في نفسه ما الله مبديه- ثم ما لبث أن تبخر كل ذلك الزهد إلى مقاعد وزارية وثيرة وظهر بعدها غالب أعضاء لجنة رأب الصدع وهم يلهجون بالثناء والتأييد للرئيس القائد وهم يسلكون الطريق الذي ترسمه أحمد فؤاد نجم.."شيّلنِي وأشيّلك ..أنا برضو فِرِحتِلك"
أما أحاديث الزهد والقناعة والطهر فما عادت تنطلي على أحد منذ أن هتفت (عصفورة أمير الشعراء) تقول للأغرار مقالة العارف للإسرار "إياك أن تغتر بالزهاد كم في ثياب الزهد من صياد."
لقد عاد "دون كيشوت" من أمريكا (مكره لا بطل) عاد الرجل الذي لم يحمل السلاح ليدافع عن الثورة التي يحبها حباً أعمى! - كما يزعم ويدعي - عاد من أمريكا ليقدم أقوى عروض الـCow boys في شوارع الخرطوم وهو يشهر مسدسه مهدداً بقتل ذاك الذي أطلق أسراه الذين شد وثاقهم إلى شواطئ المسيسبي طويلاً حتى أنهم كجواد المتنبئ الذي أمسك لا يطال له فيرعى فلا هو في العليق ولا اللجام، أو كصاحب جرير:
وَمُكتَبَلاً في القَدِّ لَيسَ بِنازِعٍ لَهُ مِن مِراسِ القِدِّ رِجلاً وَلا يَدا.
+ بعض هذه الملابسات تجعلنا ننظر (للرجل) من زاوية أخرى بعين الريبة مرة وعين الرأفة ألف مرة فلعله يعاني من حاله مَرَضِيّة مستعصية أو يعيش نوبات من (العُصاب) المستحكم!؟ أمر تؤكده كتابات وقيع الله التي (يسوّد) بها الصحف في كل صباح والتي هي في غالبها لا تخرج عن إطار التهجم والشتم والقذف إلى حد يصل فيه لإختلاق معارك صحفية مع زملائه من الكتاب الذين يكتبون معه في ذات الصحيفة، فيما يشبه تفريغ حالة من (الكرب النفسي) تمسك بخناق الرجل وتوشك أن تقوده حتى مستشفى التجاني الماحي وهي حقيقة يكشفها ويفصح عنها في إفاداته الصحفية حين يقرر أنه ذو صدر ضيق حرج، ففي المقابلة التي أجراها معه الصحافي صلاح شعيب يقول: " أنا سريع الاحتدام والإصطدام مع الشخص الذي يختلف معي وأنا أصطدم بالناس الذين يعملون معي. ودائماً ما أعمل عملاً إنفرادياً، ولا أحب ان ألتقي في تعاون أو تنظيم أو تنسيق مع أي شخص."
والصورة هذه التي رسمها وقيع الله لنفسه تصبح أكثر وضوحاً وتسوقنا سوقاً إلى الحالة (العُصابية) التي يعيشها إذ أن "العُصاب هو اضطراب وظيفي في الشخصية بين العادي وبين الذهان، وهو حالة مرضية تجعل حياة الشخص العادي أقل سعادة، ويعتبره البعض صورة مخففة من الذهان . وأعراض العصاب تمثل رد فعل الشخصية أمام وضع لا تجد له حلاً بأسلوب آخر ، أي أنه (يمثل المظهر الخارجي للصراع و التوتر النفسي و الخلل الجزئي في الشخصية).."
وإن ذهبنا نبحث (للرجل العُصابي) عن تخريج أو تأويل غير هذا ردنا بشار بن برد إلى حقيقة أخرى:
إِن كانَ لَيسَ بِهِ الجُنونُ فَإِنَّما لَعِبَ الرُقاةُ بِقَلبِهِ أَو ما بِهِ.
كيف قلت يا رعاك الله؟
لعب الرقاة بقلبه؟
وقيع الله يرشدنا من حيث أراد الفخر والزهو بمن يُرقيه ويلعب بقلبه وهو يشير في معرض هجومه على الأستاذ فتحي الضو لمحادثة هاتفية تلقاها من (أحدهم) من بعد طول غربة وانقطاع ! ولعل (الكادر القديم) الذي ظل يحرك خيوط المؤآمرة داخل الحركة الإسلامية ويحتجب -حتى القريب- من وراء الستار في ليل الغبش "فلا يكاد يبين" لعله أراد من تلك المحادثة أن يشد على يدي (الكاتب الهمام) ويوفيه أجر ما ظل يجترحه في حق الشيخ (السابق) والداعية (السابق) وأزيد من عندي البنّاء السابق الذي شاد أركان الكثيرين وأخرجهم من ظلمات القاع إلى أضواء القمة والنجومية ولكنهم يا للأسف عندما بلغوا ذلك بطروا وكفروه حقه وكان حري بهم أن يقروا إقرار خليل مطران:
إقرار غير جاحد واللَه خير شاهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق