هذا هو المؤتمر (الوطني !!) الذي نعرف



عبد الحميد أحمد محمد

---------------------

بعض ما أحزن المتنبي وأحزننا من بعده أن الأسود المثقوب مشفره (كافور ) كان يمسكه ،يقتات من أدبه وصيته وإعلامه كذلك نحن اليوم في زمان (الكوافير) الجدد

جوعان يأكل من زادي ويمسكني / لكي يقال عظيم القدر مقصود.

كنت أعتقد خاطئاً أن بالمؤتمر (الوطني) -والأقواس هنا مهمة جداً- بعض حكمة كافور ،والصحافيون يتوجهون لداره بالنادي الكاثوليكي لينقلوا وجهات نظر المسئولين هناك ويتيحوا لهم مساحات عزيزة في الصحف ومنابر جد غالية لو تعلمون ولكن !

الداخل إلي دور الأحزاب السودانية كلها جمعاء أول ما يلحظه هو الحفاوة والترحاب من العاملين هناك الذين يفتحون لك قلوبهم قبل أبوابهم وهم في الغالب ما يكونون من شباب ورجال الحزب الملتزمين المخلصين الذين اول ما يهمهم هو أن يعكسوا صورة مشرقة وجميلة تشرف حزبهم لدى ضيفهم في دارهم وهي بعض صفات السودانيين عامة يأتي بها الشخص السوي السليم الوجدان من بيته وداره لا يحتاج تعلمها لدورات بالخارج وركوب الطائرات إلي بلاد الفرنجة ودول شرق آسيا. !

ولكن كذلك أول ما يلاحظ الزائر لدار حزب المؤتمر (الوطني) يلاحظ ان العاملين هناك أقرب للموظفين الحكوميين الذين يعملون بدوام وراتب هو لا غيره ما يحدد مدي تفانيهم وإخلاصهم وأدائهم.. إنطباع أولي لابد ان ينتابك وان تخطو خطوتك الاولى داخلاً إلي هناك ثم وما ان تحدث أحدهم حتي تتاكد أنك تحدث أحد رجال الأمن أو المخابرات من أؤلئك الذين عندهم البرئ متهم حتي يثبت براءته فغالباً ما ينظر إليك موظفي المؤتمر(الوطني) من علٍ نظرة الشك والريبة والظن السئ شأن من يأتي الأعمال القباح.

ظروف المحرر الزميل الذي يرقد مصاباً بعد تعرضه لحادث سير و(حظي العاثر) هو ما جعل إدارة الاخبار في ألوان تكلفني أنا دون غيري بالذهاب لدار المؤتمر (الوطني) لمتابعة ما يستجد عندهم من أحداث الازمة مع الحركة الشعبية ،بعد ان كنت زماناً أعمل في دوائر وأحزاب محترمة وأقابل أشخاص في أعلى مستويات الذوق واللياقة والتقدير والإحترام .

وذهبت ..طائعاً وليس متطوعاً يسوقني بعض ما يجبر (خادم الفكي ) على الصلاة.

وفي نهار قائظ شمسه لافحة لم اكن احلم بأن ألق عندهم وادي حمدة بنت زياد (وقانا لفحة الرمضاء واد سقاه مضاعف الغيث العميم / نزلنا دوحه فحنا علينا حنو المرضعات على الفطيم) كان كل مايشغلني أن إنجز المهمة التي أوكلت إلي بالوجه المطلوب وأنصرف ولكن موظف الإستقبال وهو شاب ذو لحية كثة شعثاء غير مهذبة ينبئ مظهره عن مستوى ثقافي وتعليمي متواضع وبعد أن كشّر في وجهي وحاصرني بكل ما ذكرت سابقاً من نظرات الشك والريبة الظنون زعم (ومن تحت مناخره) ان ألوان ليس لديها أي محررين يتعاملون مع المؤتمر (الوطني) !وبهذا فهو لا يعرفني لا حظوا. هذا قبل أن يسأل عن بطاقتي أو هويتي ثم بعد حديث قصير اقر أن هناك محرر من ألوان يتابع عندهم علي الدوام وسألني عن اسمه على سبيل (الإختبار) فأخبرته به قال :هذا صحيح بعدها فقط طلب بطاقتي والتي لم تكن معي حينها وقل ما احتاجها خصوصاً في دور الاحزاب والتنظيمات فلم يصدق أنه وجد هذه الفرصة والثغرة فأعرض ونأ بجانبه وأقسم أن لا مكان لي في مؤتمره ولو لدقائق أقضي فيها مهمتي وطردت شر طردة

كيف أخبر هذا أنني هنا لخدمة قضيته ولعكس وجهة نظره ..كيف أشرح له ذلك؟ من هذا الذي يجد فرصة في إعلام اليوم ثم يعرض ويستنكف غير هؤلاء أصحاب العقول القاصرة المريضة والظن السئ السقيم فهل هذا (عرض لمرض أصاب القوم !!) ومن عجب إن تراهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم..أو كما أبدع في تصويرهم محمد حسن سالم حميد:

فقرم سمان من ضعفنا

والدم يمين الفي العروق ما دمهم

دمك يا إخيِّ ودمي إنا !

مرات معدودات هي التي دخلت فيها ناديهم الكاثوليكي وفي كل مرة يتأكد أحساسي بالغربة والجفاء لا آلف أي شئ هناك حتي حنفية المياه لا آلف أن أخذ منها جرعة ماء - علها مملؤة من عرق ودم هذا الشعب الصابر المقهور - ولعلهم أحسوا مني ذلك مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم (الأرواح جنود مجندة تتشاءم كما تتشاءم الخيل فما تناكر منها أختلف وما تعارف منها إئتلف) فالحمد الله أن أنكرت روح أرواح هؤلاء القوم في عالم البرزخ قبل أن نلتقيهم في هذه الفانية.

لا أقول كل هذا انتصاراً لنفسي –بعضه فقط كذلك-ولكن غضباً للقيم السودانية النبيلة التي نجح المؤتمر (الوطني) وحكومته المستبدة في طمس معالمها وتتضييعها حتي اصبحت الشخصية السودانية مكروهة على نطاق العالم يطاردها شبح هؤلاء أينما توجه السوداني عبر مطارات العالم .

أيها(الوطنيون الأحرار) تحلوا ببعض صفات السودان السمحة وأحترموا ضيوفكم في داركم فربما يأتي يوم لا تتذكرون فيه دعاء الخليفة الرشيد المهيب :

يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه .

ثم ألم يكن حميد صادقاً عندما بكى الوطن في عهدكم:

يا وطني يا فردة جناحي التاني

لما الناس تطير لعالما

وا وجعة الزول اليجيك ما يلقى فيك غير الهجير

وناساً تواتي مسالمة

كل البشاشات القبيل

يلقاها ميتي مسممة الجاتا جاتا من الأرض

ما جاتا من باب السما

من أين أتى هؤلاء أستاذنا الطيب صالح؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق