فاز (طلّاب السلطة) .. سقط الإسلاميون!

عبد الحميد أحمد محمد

شغلتنا الأسفار وألهتنا وحالت دون أن نكتب عن (سقوط) إتحاد جامعة الخرطوم، ولكن هي كلمة لا بد أن نقولها – ولو بعد حين - تعقيباً على كلمات المحتفلين، منذ أداء صلاة (الفجر الكاذب) بمحراب عبيد الشهيد وحتى وضوء (المستقطبين) الطامحين إلى عرض الدنيا الزائل والناكصون يوم تراءت الفئتان، من جماعة (أصنع ما تشاء)

إن الأمر يا سادتي لا يستحق تهافت كل هؤلاء (الكبار) والمتكبرين وقد يتساءل لذلك سائل وما الذي حدث..؟ فنقول لا شئ البتة، سوى أن منبراً طلابياً سقط أسيراً في وطن أسير.

وبعض ما حفظناه وسنظل نردده عن الشهيد مرتضى عبد السلام صاحب (السائحون) وفارس الميل (72) المهيب قوله لأحد الفرحين -الذين لا يحبهم الله- من أهل الجلاليب الرهاف والذمم الخفاف، وكان قد جعل - اواسط عقد التسعينات - الدخول إلى المجلس الوطني غاية والإلتحاق بالبرلمان (أسمى أمانيه) حتى إذا حاز ما أراد وتم له المراد طرق السائح الشهيد بابه ليلاً وقد خرج الرجل يظنه مهنيئاً ومباركاً الفوز والنصر الكبير لا سيما وأن بيت السيد (نائب الدائرة) قد فاح بالذبائح من كل صنف وكل نوع ومازال دم (الكرامة) الذبيحة مسفوكاً على قارعة الطريق رطباً طرياً أمام باب داره.. إلا أن الشاب الرسالي الشامخ بكبرياء الشهداء قال كلمته في أدب وفي فرط احتشام (لقد فزت أنت يا فلان .. وسقطت الحركة الإسلامية.) ومضى حتى ونجبول والقادسية ويوم الشهادة الأكبر وترك لنا عَبرة وعِبرة.

وماذا يجدي إتحاد جامعة الخرطوم يا هؤلاء في زمان الخيبات الكبار وبعد أن حمل الحصان الخشبي إلى داخل القلعة الحصينة وتسلل في جوفه المختبئون الغادرون والمستقطبون الطلقاء يفتكون بالحراس من الابكار وأهل الفكرة والسابقة ويفتحون أبواب "طروادة" أمام جحافل التتار، وقد عزّ النصير.

وماذا يجدي إتحاد جامعة الخرطوم وقد مضى "ود المكي" وعاد نعشاً من المنفى ما يزال محمولاً على الأعناق وكأنه يستشرف الخرطوم بقول المصطفى الحزين يوم خروجه من مكة مهاجراً: "لولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت"، وغادر التجاني عبد القادر صاحب الفكرة والرؤية والعبقرية وهو يتمثل قوله تعالى: "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها..." وكان قد سبقهم جميعاً عبيد ختم بدوي الأمين الأمين وصاحب المقر (قم).

كلهم مضى – خرجوا وأخرجوا – وبقى أصحاب البطولات الزائفة والمجاهدات (الفالصو) التي هي أهون من تثبيت وتعليق صحيفة حائطية اسمها (آخر لحظة) على جدار محروس بالديدبان يشبه يومه الحاضر ليلته البارحة وأسألوا إن شئتم جيل السبعينات من طلاب جامعة الخرطوم إسألوا ربيع عبد العاطي أو فأسألوا مهدي إبراهيم إن فتح الله عليه بكلمة حق وعدل وانعتاق تضع عنه إصره والأغلال التي عليه وقد أنقضت ظهره وحولته إلى محض (مذيع داخلي) لمهرجانات وأحتفالات يوم الزينة والنيروز الرسمية و(الوطنية) في زمان السقوط الكبير.

إن أكثر ما يخجل في هذا الزمان البئيس كثير السوءات أن يقف أحد المستقطبين الجدد بالميدان الشرقي ليعبر عن فرحة مصطنعة كذوب وهو يقول: " إن إتحاد جامعة الخرطوم قد توضأ اليوم .." لنقول وهذه قطرات وضوئك ما تزال تقطر لم تجف بعد، فهل سبقته إلا بشهر أو شهرين أم بعام أم بعامين..؟ إذن فقد عاش وعشت كلاكما – الإتحاد وانت – دهراً طويلاً في رجسه ودنسه حتى يتطهر ويتوضأ على أيدي حفنة من الصبية و(طلاب السلطة) ممن لا يصلحون لرفع شعار قديم أو كتابة كلمة (شورى) على الوجه الصحيح، الراكضون في ماراثون التسابق إلى لعاعة الدنيا الدنيئة.

يا أخي إن بعض ما أدركه الناس من كلام النبوة.." إذا لم تستح فاصنع ما تشاء" ومن كلام الحكماء "يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء." أما وقد سقط اللحاء فليس إلا ثمة أعجاز منقعرة على شفا جرف هار لا يلبث أن ينهار بها في نار جهنم وبيئس المصير، وما نزال ننتظر الدور لنلقي كلمتنا قبل أن ينفض السامر وتنفض المأدوبة وترفع الصحاف و(طست الوضوء) النجس.. لنقولها وإن خرقنا البرتكول وتجاوزنا مراسم (الكبار).

ستبقى المسافة بين الإتجاه الإسلامي الذي بناه الرجال في عهود الصدق والطهر والتجرد، وشادوا صروحه وحازوا به المنابر والنقابات بجامعة الخرطوم وغيرها من الساحات، وقادوا به المعركة تلو المعركة وخرجوا ظافرين وطاهرين، تبقى المساحة بين أولئك وهؤلاء بقدر الفواصل التي يرسمها الإمام علي كرم الله وجهه وهو يقول: "ليس من طلب الحق فأخطأ سبيله كمن طلب الباطل فأدركه." وثمة كلمة أخيرة:

فاز (طلاب السلطة) .. سقط الإسلاميين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق